ظاهرة التفاوت في أعداد آيات سور القرآن :
تتفاوت أعداد الآيات في سور القرآن تفاوتا كبيرا ، فمنها ما هو طويل جدا ومنها ما هو قصير جدا ، وبين العددين 286 عدد الآيات في سورة البقرة أطول سور القرآن ، و 3 عدد آيات سورة الكوثر أقصر سور القرآن ، تتوزع باقي سور القرآن الكريم . هذه الظاهرة أثارت الجدل والاستغراب لدى البعض ، ولم يتورع بعضهم بوصف القرآن بأنه فوضوي الترتيب ولا يخضع لي نظام عقلي أو
منطقي .
ما السر أن يكون عدد الآيات في السورة الأطول 286 لا غير ذلك ؟ وما السر أن يكون عدد آيات السورة الأقصر 3 آيات غير ذلك ؟ هل يحتمل أن يكون عدد الآيات في هاتين السورتين غير ما هما عليه ؟
يمثل العددان 3 و 286 الحدين الأعلى والأدنى لعدد الآيات في السورة القرآنية ، فلا وجود لسورة يزيد عدد آياتها عن 286 ولا لسورة يقل عدد آياتها عن 3 آيات ، ولذلك نجد أن القرآن قد ربط هذين العددين المميزين بمعادلتي الترتيب القرآني على النحو التالي :
معادلتا الترتيب هما : (1) 19 × 6 = 114 (2) 19 × 3 = 57 .
الإشارة إلى الحد الأدنى : ( 19 + 6 ) – ( 19 + 3 ) = 3 .
الإشارة إلى الحد الأعلى : ( 19 – 6 ) × ( 19 + 3 ) = 286 .
ما يعنينا هنا : هل تخضع ظاهرة التفاوت بين أعداد الآيات في سور القرآن إلى نظام ما ؟ الجواب : نعم .
إذا قمنا بترتيب سور القرآن باعتبار أعداد آياتها من الأطول إلى الأقصر ، سنكتشف الحقائق التالية :
تنقسم سور القرآن بهذا الإعتبار إلى مجموعتين متساويتين :
57 سورة طويلة + 57 سورة قصيرة .
- تنقسم كل مجموعة إلى ثلاث مجموعات تتألف كل منها من 19 سورة .
- عدد المجموعات الكلي هو 6 مجموعات تتألف كل مجموعة من 19 سورة ، والملاحظ هنا أن هذا التوزيع جاء وفق معادلة الترتيب الأولى :
19 × 6 = 114 .
- الحد الفاصل بين السورة الطويلة والسورة القصيرة هو العدد 39 . فالسورة الطويلة ما زاد عدد آياتها على 39 وتحديدا بين العدد ين 40و 286 ، والسورة القصيرة ما كان عدد آياتها أقل من 39 آية ، وتحديدا بين العددين 3 و 38 .
ونلاحظ هنا عدم وجود سورة في القرآن مؤلفة من 39 آية ، ولو كان ذلك لانهار هذا النظام والذي أطلقت عليه " نظام حدود الطول والقصر " .
السؤال الذي نود الإجابة عليه : كيف وزعت مجموعات سور القرآن الست باعتبار هذا النظام ؟
وزعت على النحو التالي :
المجموعة الأولى : 9 سور فردية الآيات + 10 سور زوجية الآيات .
المجموعة الثانية : 9 سور فردية الآيات + 10 سور زوجية الآيات .
المجموعة الثالثة : 7 سور فردية الآيات + 12 سورة زوجية الآيات .
المجموعة الرابعة : 7 سور فردية الآيات + 12 سورة زوجية الآيات .
المجموعة الخامسة : 12 سور فردية الآيات + 7 سور زوجية الآيات .
المجموعة السادسة : 10 سور فردية الآيات + 9 سور زوجية الآيات .
مجموع سور القرآن : 114 سورة
السور زوجية الآيات : 60 سورة .
السور فردية الآيات : 54 سورة .
( لاحظ مجيء المجموعة الخامسة عكس المجموعتين الثالثة والرابعة ، ومجيء المجموعة السادسة عكس المجموعتين الأولى والثانية والنتيجة النهائية الماثلة في العددين 60 و 54 وسنتناولها بالتفصيل فيما بعد ) .
بماذا نصف هذا الترتيب ؟ من المعلوم أن القرآن نزل مفرقا ثم رتب على نحو مخالف تماما لترتيب النزول ، فكيف اتفق مجيء سور القرآن على هذا النحو من الترتيب ؟ هل قامت هذه السور بترتيب نفسها هكذا ؟ هل ادعى أحد أنه قام بترتيبها ؟ هل جاء كل هذا الإحكام بفعل مصادفة عمياء ؟ هل يجوز لأحد أن يدعي عدم وجود نظام محدد محكم في توزيع هذه السور ؟
هل يحق لحد أن يرفض وجود النظام المحكم هنا بحجة أن هذا الذي نكشف عنه هو مما لم يعرفه القدماء ؟ كم من الأشياء يجب أن نرفضها لأن القدماء لم يعرفوها ؟
والعجيب أن البعض من المسلمين يتسلح باختلاف القدماء في ترتيب سور القرآن على ثلاثة أقوال حجة لرفض هذا الذي نكشف عنه الآن ؟
التفسير الوحيد لهذه الحقائق أن ترتيب سور القرآن وآياته ترتيب توقيفي وما كان إلا بالوحي ومن عند الله ، ليكون هذا الترتيب في الزمن الذي يكتشف فيه معجزة القرآن في ذلك العصر بلغة ذلك العصر ، لغة الأرقام ، اللغة العالمية المشتركة بين أمم الأرض كلها .
( النقد الموجه إلى هذا البحث : قال بعضهم أن ترتيب سور القرآن هو مما اختلف فيه العلماء ، وهذا الذي تقول به هو مما لم يعرفه السلف الصالح ولو كان فيه خيرا لعرفوه ، فهل عرفته أنت ؟ . هل رأيتم أعجب وأغرب من هذا الكلام ؟! )
هذا الموقف يضطرني إلى الكلمة التالية :
( أيها العلماء الأفاضل : كلكم أعلم مني بالقرآن ، ولكن الله من علي باكتشاف ما لم تعرفوه فإن كنت على حق فأعينوني وإن كنت على باطل فقوموني ، بالحجة وقوة الفكرة ، هذا هو القرآن بيني وبينكم فيه ألف دليل على أن ترتيب سوره وآياته ترتيب إلهي " توقيفي " وما كان إلا بالوحي ، فمن ير غير ذلك فعليه بالأدلة ، وليثبت عكس ما أقول وعلى الأقل أن يثبت خطأ لدي ).
الكلمة الأخيرة في هذه المقالة : إن زيادة آية أو نقصان آية في أي سورة قرآنية يؤدي إلى انهيار هذا النظام . فلماذا لم يحدث ذلك ؟ لماذا لم تتدخل المصادفة لتزيد آية في إحدى السور ويضيع كل هذا الإحكام ؟
معجزة ترتيب القرآن